كانت مصادفة غريبة أمام مشرحة مستشفى بورسعيد العام، يوم السبت ٢٩ يناير الماضى، حينما وقف مندوب «المصرى اليوم» أمام سيدة تسأل عن ابنها الذى تبحث عنه، وعندما سألها عن اسمه، قالت محمد محمود التميمى، فنكس رأسه لعلمه بوفاته وأن جثته ظلت مجهولة لأكثر من ١٤ ساعة، ولم يتعرف عليها سوى محمود فتيح ابن عم والدته، فانطلقت السيدة فى الصراخ.
وفى منزل الأسرة بحى الشرق التقت «المصرى اليوم» والدته هانم أحمد فتيح «٥٥ سنة» وقالت: إن ابنها كان خير شباب المنطقة وإنه أنهى دراسته فى كلية الحاسب الآلى فى بورسعيد دفعة ٢٠٠٧، وأشارت إلى أنه عقد قرانه فى رمضان الماضى، والتحق بالعمل فى أحد مصانع الاستثمار يناير الماضى، وأنه استشهد مساء ٢٨ من الشهر نفسه.
وأضافت: «القدر رسم النهاية لابنى وآخر يوم معه كان يوم جمعة الغضب، كانت زوجته فى ضيافتنا وجاء حماه ليأخذ ابنته، حتى لا ينزل محمد ويتعرض للأذى من المظاهرات، خاصة بعد إطلاق النار وإشعال الحرائق، ونزل مع حماه وحدثنى على الموبايل وجاء إلى المنزل إلا أنه خرج مرة أخرى وحدثنى من الخارج،
وأشار إلى أن الموقف صعب، وطلبت منه الحضور إلى البيت، وقررت له النداء بالعودة إلا أنه رفض، وسجلت له المكالمة على الموبايل وعندما تأخر اعتقدت أنه فى أحد الأقسام وظللت أبحث عنه فى كل الأقسام، إلا أنه لم يظهر، واعتقدت أنه تم اعتقاله، وفى اليوم التالى طال بحثى عنه وسألت بالمصادفة وأبلغتمونى بنبأ وفاته، ولم أصدق إلا بعد أن شاهدت الشظايا فى كل جزء من جسده الطاهر، قد تكون أكثر من ٥٠ شظية، على هيئة كرات بلى صغيرة ولفتت إلى أن هناك أثراً لطلقة خرطوش فى رقبته، وتابعت: عثرت فى ملابسه على بقايا شظايا وعلمت من بعض المواطنين أنه أصيب بطلق عند قسم شرطة العرب.
وأكدت أنها لن تترك دم ابنها يضيع هدراً، وأنها ستقاضى الرئيس مبارك ورئيس الوزراء ووزير الداخلية السابق حبيب العادلى ومدير أمن بورسعيد دولياً، لسماحهم للشرطة بإطلاق النيران على الشعب وعلى ابنها.
وأضاف محمود فتيح ابن عم والدته: «بحثت عنه ولم أعثر عليه وفى اليوم الثانى توجهت إلى المشرحة بالصدفة، ووجدت نقيب المحامين هانى قزامل، وشرحت له عن فقد أحد أقاربى، وقال لى هناك جثة لم يتم التعرف عليها، وطلب منى رؤيتها، وكانت المفاجأة أنها لمحمد، الذى أبحث عنه فتوجهت لإخبارها إلا أننى عدت إلى المستشفى لأجدها فى صراخ مستمر، وكشف محمد فتيح أن محمد دفن بلا تصريح دفن، ولم تصدر له شهادة وفاة رغم اتصاله بالمحامى العام، إلا أنه لم يرد، وكان ذلك يوم ٢٩ يناير الماضى، وهو اليوم الثانى لوفاته، حيث توفى فى الساعة العاشرة مساء،
ولم يكن هناك أحد موجود فى النيابة، ولم يعط لنا مدير المستشفى تقريراً بالحالة يثبت إصابته بطلق نارى أدى لوفاته، حتى مندوب الشرطة الذى كان موجوداً بالمستشفى اختفى ولا نعرف أين ترك مهماته، بعد أن تلقى أوامر بترك عمله، وطالب محمود الجهات الرسمية بضرورة إصدار شهادة وفاة لمحمد وتقرير الطب الشرعى وأسباب الوفاة، لأن ما حدث يعتبر إهانة لكل مصرى.